لا يمكننا إنكار أن أهم ما يمكن استخدامه لتغذية الكائنات والحفاظ على التوازن البيئي لكل منطقة هو النبات ، بداية أهم سلسلة في الحياة ، وأبرز حلقة في تلك السلسلة الغذائية ، فما حال الذين يعيشون في مناطق قاسية مناخياً على النبات ونموه كالمناطق الصحراوية , فما هي مشاكل الزراعة في الإمارات بوصفها بلد صحراوي ذو طبيعة قاسية؟
في زمن يزداد به التعداد السكاني في كل بلد ودولة بشكل كبير ، نرى فيه المنافسات وبذل الجهد الأكبر للحصول على أكبر كمية من مقومات الحياة وأمنها ، بلا شك فإن الجهود المبذولة لتحقيق الأمن الغذائي لسكان أي بقعة من بقاع هذه الأرض هي الأكبر والأعظم فدونها لا استمرار لحياة الإنسان في هذا العالم الواسع.
مشاكل الزراعة في الإمارات
لنتكلم عن مشاكل الزراعة في الإمارات ، لابد أن نأخذ لمحة عن تاريخ الزراعة في تلك المنطقة.
ما هو تاريخ الزراعة في دولة الإمارات ؟
كان سكان الإمارات قديماً يعملون بمهنة رعي الماشية والتنقل بها للحصول على المكان الأمثل للسكن وتأمين الحاجات اليومية من مشروب وغذاء ، فقد كانت فرصة العمل في مجال الزراعة قليلة وصعبة جداً ، بحكم ما تمتلكه البلاد من مناخ قاسي وجفاف وتربة رملية وغيرها.
إلا أن الحكومة العليّة قد تنبهت لضرورة الإهتمام والتطور في مجال الزراعة ، و عملت على التشجيع على الزراعة ونشر الوعي بين السكان ، بالإضافة إلى تأمين حاجات من يرغب بالعمل في مجال الزراعة ودعمه.
قد تم تحسين الزراعة في البلاد درجة تلو الأخرى ، فقد بدأت عمليات تحسين هذا المجال في البلاد ونشره ،بزيادة زراعة أشجار النخيل في كافة أنحاء الواحات الرملية ، و بدأت بتحسين تربة البلاد و نشر طبقات طينية على سطح رمال الواحات بالإضافة إلى تشجيع أفراد الشعب وزيادة وعيهم نحو ضرورة القيام بعمليات الزراعة وزيادة كثافة الغطاء النباتي للبلاد.
وقد تم التركيز على الإهتمام بشكل أكبر على مصادر المياه لتأمين مياه الري وتجنب الجفاف ، فقد ازداد الإهتمام من قبل الدولة بتصليح الآبار القديمة وتم اتخاذ قرارات بحفر سدود وبِرك لجمع أكبر كمية من مياه الأمطار والسيول.
وقد قامت الدولة بتزويد كل من يرغب بممارسة مهنة الزراعة ، بالأدوات اللازمة وكل ما يحتاجونه من مستلزمات و مع مرور الوقت قد أسست الإمارات قاعدةً قويّةً وأساسية لمجال الزراعة بتحضير الأراضي الزّراعية وتوزيعها مجاناً على المواطنين، وتسهيل القروض الزّراعية والمعدات وقد تم بناء المساكن الحديثة وتوفير الخدمات لهم بالقرب من أراضيهم الزّراعية.
ماهي المشاكل والصعوبات التي تواجه الإمارات في مجال الزراعة ؟
المناخ القاسي
إن موقع دولة الإمارات على سطح الكرة الأرضية ، قد ساهم في ضهور المناخ القاسي الصحراوي في أنحاءها ، فإن ارتفاع درجات الحرارة في البلاد بشكل كبير ، قد أدى إلى وجود صعوبة في نمو قسم كبير من الأنواع النباتية التي لا تتحملها .
الرياح
إن هبوب الرياح بشكل كبير في البلاد ، قد لعب دور كبير في بيئتها ، فناهيك عن طبيعة التربة الغير الحافضة للمياه ، إن هبوب الرياح يؤدي إلى تحريك الطبقة الأولى من الهواء المتوضعة على سطح النبات مما يؤدي إلى زيادة عملية النتح ، ونمو النباتات المتحملة ذات السطح الورقي الضيق فقط .
ارتفاع درجة الحرارة
إن ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير في البلاد ، يلعب دور كبير في الزراعة والأنواع النباتية القادرة على النمو في المنطقة ، فتواجد الحرارة الحارقة تؤدي إلى وجود لفحات وحروق في أوراق النباتات ، بغض النظر عن الذبول الناتج عن نقص محتوى النبات من المياه ، والامكانية الصعبة جداً في الحصول على أي انتاجية منه .
التربة الرملية
إن نوع التربة ” أي التربة الرملية ” في دولة الإمارات الناتج عن الصخرة الأم والضروف المناخية الصعبة
قد لعب دور كبير بالتأكيد في عدم نجاح العمليات الزراعية ، فإن التربة تعتبر الوسط الذي يعتمد النبات عليه للحصول على المواد الغذائية اللازمة لنموه وانتاجيته
للأسف فإن التربة الرملية المتواجدة في البلاد فقيرة بتلك الإحتياجات من مواد عضوية وعناصر معدنية ، بالإضافة لذلك إن هذه التربة تتصف بنفوذيتها وعدم قدرتها على الإحتفاظ بمياه الري أو الرطوبة التي يحتاجها النبات ، مما يؤدي إلى عدم توفر الوسط الناقل للمواد الغذائية من التربة إلى النبات ، ناهيك عن حاجة النبات إلى الرطوبة اللازمة للقيام بالعمليات الحيوية و ذبوله .
ملوحة التربة
وهي ظاهرة تؤثر بشكل كبير على نمو النباتات ، بالأخص الغير المحتملة للملوحة ، مما يؤدي إلى ظهور أنواع معينة من النباتات قادرة على تحمل زيادة الأملاح في التربة .
قلة المياه
كما نعلم أن النبات يحتاج وبشكل رئيسي إلى المياه لنموه ، وذلك لأن المياه يعد هو العنصر الناقل للعناصر الغذائية والمواد العضوية من أسمدة وغيرها من التربة إلى الجذر ، ولا يجب أن ننسى أن جميع العمليات الحيوية التي تحدث داخل انسجة النبات من استقلاب وتنفس وغيرها لا تتم دون وجود وسط الإنحلال وهو المياه ، بالإضافة لذلك مايحدث في أنسجة النبات من حروق نتيجة نقص المياه.
إن نقص المياه في البلاد يحدث نتيجة قلة الأمطار والموارد المائية السطحية تبعاً للصحراء المتواجدة بشكل طبيعي في المنطقة .
زيادة التكاليف
تبعاً لما تعانيه الزراعة من صعوبات في التربة ، قد تم اللجوء إلى الطرق الحديثة للزراعة ، وهي الزراعة العامودية أو الزراعة دون تربة وذلك بأشكال مختلفة ، إما بأوساط صلبة أو زراعة مائية أو هوائية والتي جميعها تعتمد على وجود الوسط المغذي الحاوي على المواد الغذائية في المياه واكتساب النبات مايحتاجه من مواد لنموه منه ، ورغم ما نلقاه من نتائج رائعة باستخدام هذه الطرق ، إلا أنها ذات تكلفة كبيرة ، لتأمين الأنابيب والمعدات التي نحتاجها ، بينما يمكننا أن نزرع حالاً في الزراعة التقليدية .
الحاجة إلى العلم و الخبرة
إن الأساليب المتطورة من الزراعة ، تحتاج إلى المعرفة قبل البدء بأي خطوة من خطوات إضافة العناصر الغذائية للنبات المزروع ، ذلك لأن هذه الأساليب من الزاعة عالية الدقة أي أيّة زيادة بعنصر ما أو نقصان يؤدي إلى تسمم بالنباتات ، بالإضافة إلى سرعة انتشار الأمراض بين النباتات وذلك من خلال نقله عبر المياه إلى جميع الجذور، لذلك فإن من الضروري أن يتواجد من خبير في أجهزة الزراعة المستخدمة وعالم بما يمكن تقديمه للنبات بدقة.
رغم ما عانته بلاد الإمارات من صعوبات في العمليات الزراعية ، إلا أننا لايمكننا إنكار أنها استطاعت بجدارة إثبات نفسها في هذا المجال ، وسد حاجة السكان من النباتات المزروعة ، وما زالت تطور وتحدث في هذا المجال حتى تصل به لمراحل أكثر تقدم .
مقالات ذات صلة: