المحتويات
لماذا نحن هنا ؟ ما الهدف من وجودنا ؟ هل يوجد هدف من وجودنا بالدرجة الأولى ؟
ماذا إذا لم يكن هناك هدف منذ البداية ؟ هل نكون أضعنا الوقت بالتفكير بالهدف وإيجاد وخلق سيناريوهات تسبب لنا نوعا من الإحساس بالإيمان , بالانتماء إلى شيء أعظم.
تولّد الشّك النابع كنتيجة للسؤال المُلِح باحتمالية وجود هدف أم عدمه , هو بذرة للضياع في بحر لا نهائي من الشّك وانعدام اليقين والخوف , بالتأكيد يوجد هدف من وجودنا , عدم معرفة الهدف لا ينفي وجود الهدف , عدم رؤية الشاطئ في الطرف الآخر لا ينفي وجود الشاطئ. المشكلة في اعتمادنا على الحواس , أو بشكل أدق على قصور الحواس لنفسر ما هو غير قابل للتفسير , لنفسر ما هو أبعد من المنطق , ما هو أبعد من السببية , ما هو أبعد من الازدواجية!
ماذا تقصد بالازدواجية؟
المقصود بالازدواجية , أبيض : أسود – ليل : نهار – ولادة : موت – سعادة : حزن – خيبة : أمل.
عند التحرر من قفص الازدواجية نتوجه باتجاه المطلق
الأزمات الوجودية – لماذا نحن هنا ؟
الكثير منا إن لم يكن كلنا يمر في مرحلة ما بحياته بمشكلة هوية ووجود , ويبدأ بالتساؤل عن المعنى والهدف ( لماذا نحن هنا )وكذلك من أنا , ما هي هويتي الحقيقة؟
هذا السؤال باعتقادي هو المحرك الأساسي لكل مظاهر الحضارة باختلاف أشكالها – السّعي نحو الفهم الأشمل – الفهم بعين القلب وليس بعين العقل
قد يبدو الكلام الذي أكتبه متعارضاً مع الديانات السماوية , لكن ليس هذا هدفي على الإطلاق فكل الإحرام لجميع الأديان ولكافة أنظمة الإيمان والمعتقدات على اختلافاتها وتعدد محاولاتها للإجابة على سؤال لماذا نحن هنا وغيره من الأسئلة الوجودية المُلحّة
لأكثر من 300000 سنة ، نظرنا إلى السماء والآلهة للحصول على إجابات. اخترعنا النار ، وهبطنا على القمر ، بل وقذفنا قطعة معدنية خارج النظام الشمسي.
ولكن على الرغم من تطوير مسرّعات البروتونات الدورانية التزامنية وكذلك الموصلات الفائقة التي تحتوي على ما يكفي من أسلاك النيوبيوم والتيتان لتلف الأرض ستة عشر مرة.
لا نملك أي فهم يفوق فهم المفكرين الأوائل منذ نشأة الحضارة. من أين أتى كل ذلك؟ لماذا نحن هنا ؟
ولكننا جميعاً بتنا شبه موقنين أننا كلما أبحرنا بعيداً في المجرات والفضاء كلما أدركنا أن معنى الحياة والوجود لا يمكن إيجاده بالسفر بعيداً. بل العكس تماماً لإيجاد المعنى علينا أن نبحر ونسبر أغوار الداخل
لقد نظرنا إلى الوجود والكون بالاعتماد على حواسنا لفترة طويلة جداً حيث بات تفسيرنا له من المسلمات وكانه الحقيقة ولم نعد نشكك بتفسيرنا أبداً.
ماذا لو أن تفسيرنا لما نرى ونسمع لا يمثل الحقيقة , على سبيل المثال رؤتينا وتفاعلنا مع ما حولنا يختلف عن رؤية وتفاعل مخلوقات أخرى كالحيوانات.
أنت تراني وتتفاعل معي على نحو مختلف كليّاً عما تراني به الأفعى أو القطة , ما دامت الرؤية غير ثابتة , ما الحقيقة إذاَ ؟ نحن نرى تفسير دماغنا للموجات الضوئية المنعكسة عن شيء ما ولكننا لا نرى حقيقة الأشياء بحد ذاتها
من نحن – معنى الحياة – لماذا نحن هنا
نحن أكثر مما تعلمنا في فصل علم الأحياء. نحن أكثر من مجرد مجموعة من الذرات – البروتونات والنيوترونات – تدور مثل الكواكب حول الشمس.
صحيح أن قوانين الكيمياء يمكن أن تفسر البيولوجيا البدائية للأنظمة الحية. ولكن هناك ما هو أكثر من مجموع وظائفنا البيوكيميائية.
لا يمكن العثور على الفهم الكامل للحياة من خلال النظر إلى الخلايا والجزيئات.
ولذلك فإن وضع علم الأحياء فوق العلوم الأخرى في محاولة للعثور على نظرية كل شيء ما هو الّا تهرب من التخصصات الأخرى.
حتماً نحن أكثر من مجرد ذرات وجزيئات تكوّن الجسد , دائما هناك شيء مفقود لا نستطيع إدراكه بالحواس , شيء مفقود لا نستطيع استيعابه ولكننا نحس بوجوده طول الطريق
أما بالنسبة لمعنى الحياة , فبالرغم من بساطة الجواب ولكن بنفس الوقت تطبيقه صعب – عيشه صعب – أن نعيش حياة الخلود – في عالم الوحدة بعيداً عن عالم الانفصال – حيث كنّا منذ الأزل. أن نعيشها دون النظر للماضي , ودون القلق على المستقبل , خارج حدود الزمان والمكان – خارج حدود الحواس.
أن نعيش برضى وتسليم , بما يرضي ضمائرنا , بالرغم من أن الضمير بجد ذاته مفهوم نسبي يختلف من شخص لآخر, لكن حسب قانون الفيزياء بأن لكل فعل رد فعل مساوٍ له بالقوة ومعاكس له بالاتجاه
كذلك أفكارنا وأفعالنا , كلما تطرفت باتجاه قطب معين كلما وبكل وضوح قاسينا وعانينا ألم النتائج والفقد والحزن والأسى.
لذلك كلما زاد نقاء وعذوبة التفكير والفعل والشعور , وكلما تضائلت المشاعر و الافكار و الأفعال السلبية المؤذية , كلما اقتربنا من الجوهر , كلما اقتربنا من المصدر.
كل ما يحدث ما هو الّا الشيء المثالي الذي يمكن أن يحدث للارتقاء بالوعي للوصول إلى أسمى درجاته وبالتالي الرجوع إلى المصدر.
تحدث الإجابة على سؤال لماذا نحن هنا عندما تكون الإجابة ذاتية نابعة من الداخل – عندما ينتفي السؤال والجواب – عندما يختفي السؤال والفكر ويبقى وعي صافٍ لا يشوبه فكر أو سؤال.
عندما نعي ان لماذا نحن هنا هي خاطئة منذ البداية – لا يوجد نحن ولا يوجد أنا – لا وجود إلّا للأحق بالوجود – اللّه – ولكن لا ننفي وننسى أن السؤال الخاطئ هو المحرك الذي قادنا إلى المطلق – وبالتالي لا يوجد خطأ على الإطلاق. كل ما يحدث بأدق تفاصيله هو حدث دقيق بالاتجاه الصحيح والوحيد! الرجوع إلى المصدر.
قد يعجبك أيضاً: