فيما توصلنا له من تطور في الآونة الأخيرة ، قد أصبحت عمليات الزراعة في التربة في معظم الأوقات من أصعب العمليات الإنتاجية التي يمكن تنفيذها في هذه الأيام ، وذلك نظراً لقلة المساحات الترابية التي يمكن أن تتوفر في الكثير من الدول وامتداد البناء السكاني
بالإضافة لذلك الحاجة لكميات أكبر من الخضار المزروعة لتغطية الحاجة من الغذاء ، و تبعاً لذلك قد ظهرت أشكال متعددة من طرق الزراعة الحديثة ، لغايات متعددة منها ماهو اقتصادي أو التقليل من الأمراض أو غيرها من الأسباب
ولا يمكننا إنكار أن تلك الطرق قد أصبحت ذات أولوية في الكثير من الدول ، لما تعطيه من جمال ونظافة في التعامل وتوفير للمساحة المستهلكة، ومثال على تلك التقنيات تقنية الزراعة المائية والتي سوف نتوسع بالتحدث عنها في هذا المقال .
ماهي الزراعة المائية
إن الزراعة المائية هي تقنية زراعة النباتات في محاليل مغذية ، بحيث تبقى الجذور معلقة في المحلول بدون استخدام أي مادة مسامية كوسط تجذير.
للزراعة المائية عدة أشكال من الأنظمة المستخدمة ، وهي تعمل إما عن طريق المياه الجارية في نظام مفتوح أو مغلق أو عن طريق المياه الساكنة ، بحيث أن هذا النوع من الزراعة يعتبر من طرق الزراعة الحديثة والتي تبعاً لضروف الطبيعة تعتبر أفضل الحلول لزيادة الإنتاجية و زراعة الأصناف النباتية المرغوبة ، دون الحاجة للتربة.
ما هي تقنيات الزراعة المائية
- تقنية التدفق العميقة ” Deep Flow Technique “
في هذه التقنيةمن الزراعة المائية يتم تنمية النباتات في أوعية تحتوي المحاليل المغذية ، و يتم دفع الأوكسجين بواسطة مضخات هواء و يراعى تغيير المحلول كل فترة زمنية .
يعيب هذه الطريقة أنها تستهلك كميات كبيرة من المحلول المغذي ، وقد طبقت هذه التقنية بشكل أوسع تجارياً في كثير من الدول مثل بريطانيا واليابان . - تقنية الغشاء المغذي ” Nutrient Film Technique “
يعتمد هذا النظام من الزراعة المائية على زراعة النباتات في قنوات بلاستيكية ، تصمم بانحدار محدد بحيث ينساب خلالها المحلول المغذي فيها ليشكل طبقة رقيقة على جذور النباتات ثم يجمع المحلول المنصرف من نهاية هذه القنوات في خزان رئيسي ، ثم يعاد ضخه مرة أخرى إلى الطرف العلوي للقنوات بعد تعديل تركيب المحلول المغذي وكذلك درجة الحموضة .
في المشاريع التجارية تتم هذه العملية آلياً حيث يحفظ المحلول المغذي في خزانات خاصة ومنها يضخ إلى الأنابيب البلاستيكية خلال مدة زمنية محددة وبتواتر معين.
ومن شروط نجاح هذه التقنية توفر الأوكسجين الكافي لنمو الجذور وحجب الضوء عن الجذور
يمكن تصنيف هذه التقنيات بحسب طريقة استعمال المحلول المغذي كما يلي
- النظم المفتوحة : هي أنظمة زراعية تزرع بها النباتات في أوساط غير التربة ، و تغذى بمحاليل لا يعاد استخدامها في دورة الري ، حيث يستخدم المحلول المغذي لمرة واحدة فقط.
- النظم المغلقة : هي زراعة النباتات في اوساط زراعية غير التربة و تروى بالمحلول المغذي الذي يتم إعادة استخدامه بحيث يتم الإستفادة من المحلول مرة أخرى في الري .
ما هي المحاليل المغذية في الزراعة المائية
هي محاليل تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات وتستخدم في ري النباتات في نظم الزراعة بدون تربة .
يجب أن يتمتع الماء المستخدم لتحضير المحاليل المغذية للنباتات بالخصائص التالية :
- قليل الملوحة لا تزيد درجة التوصيل الكهربائي فيه عن 700 إلى 800 ديسيمنز / متر .
- درجة الحموضة ph في حدود 5.8 إلى 6.3 .
- يمكن استخدام المياه السطحية أو الجوفية أو مياه التحلية في الزراعة بدون تربة مع مراعاة مستويات التوصيل الكهربائي و درجة الحموضة والتركيز الكلي للأملاح في المحاليل المغذية .
كيف يحضر المحلول المغذي
يجب أن نعلم مسبقاً ، أن إضافة الأسمدة الذوابة إلى ماء الري يسمى الري المسمد ، ويعتمد التركيب الدقيق للمحلول المغذي على نوع المحصول و طور النمو والظروف البيئية و نظام الري ، كما يجب الأخذ بعين الإعتبار نوعية مياه الري عند تحضير المحلول المغذي خاصة في الأنظمة المغلقة.
كما أن الري المسمد يضم عاملين رئيسيين هما الماء وتغذية النبات التي تعد من العوامل الأساسية لنمو النبات ، والمزج الصحيح لهما يعد المفتاح للحصول على مردودية ونوعية عاليتين للمنتج.
هناك أشكال عديدة للسماد المضاف ، منها ما هو محلول مائي ومنها ما هو على شكل حبيبات أو تربة مخلوطة بالأملاح والمواد الضرورية للنبات.
كل العناصر المعدنية الأساسية تزوّد للنباتات في الزراعة المائية على شكل محلول مغذي مكون من أسمدة بصورة أملاح منحلة في الماء / أملاح مسمدة منحلة بالماء ، لذلك يجب أن تتوفر لدى مستخدمي الزراعة المائية معرفة جيدة بالعناصر المغذية للنبات .
ما هي خطوات تحضير المحلول المغذي
- تحضير المحاليل الأم للعناصر المعدنية Srock Solutions .
- تحضير المحلول المغذي من المحلول الأم .
- ضبط درجة حموضة المحلول المغذي .
- ضبط قيمة EC
كيف يحضر محلول ” كوبّر ” الذي يستخدم لتغذية النباتات المزروعة في أنظمة الأغشية المائية
أولاً : المحلول الأم ( الأساس ) A
- 1. نترات الكالسيوم 1003 غ
- 2. حديد 79 غ
ثانيا: المحلول الأم ( الأساس ) B
- فوسفات ديهيدروجين البوتاسيوم 263 غ
- نترات البوتاسيوم 583 غ
- سلفات المغنيزيوم 513 غ
- سلفات المنغنيز 6.10 غ
- حمض البوريك 1.7 غ
- سلفات النحاس 0.39 غ
- موليبدات الأمونيوم 0.37 غ
- سلفات الزنك 0.44 غ
ثالثاً :مزج المحلول الأم A :
قم بحل 1003 غ من نترات الكالسيوم بشكل كامل في 10 لتر من الماء ومن ثم أضف 79 غ من شيلات الحديد وحرّك بشكل جيد حتى تمام الذوبان فنحصل على محلول الأساس A .
رابعاً : مزج المحلول الأم B :
في 10 لتر من الماء ، أضف كل عنصر على حدة وحرك بشكل جيد حتى تذوب كامل الكمية قبل إضافة العنصر التالي ، فنحصل على المحلول الأم B .
خامساً : مزج المحلول الجاهز للاستخدام المباشر :
لكي نستخدم المحلول في الزراعة يجب أن تمدد المحلول الأم A والمحلول الأم B ، مئة مرة.
هذا يعني أن 10 لتر من المحلول A و 10 لتر من المحلول B يجب أن يمدد في 1000 لتر من الماء .
أو يمكن وضع 2 ملعقة شاي من المحلول A مع ملعقة شاي من المحلول B في 1 لتر من الماء ( ملعقة شاي حوالي 5 مل ) .
ما هي خصائص المحلول المغذي والعوامل التي يجب مراعتها عند تحضيره
- درجة الحموضة PH :
ويعد ضبط درجة الحموضةمن أهم عوامل توفر العناصر المغذية للنبات ويعتمد توفر العناصر الغذائية عند الزراعة في أوساط خاملة مباشرة على قيمة ph بينما عند استخدام الأوساط العضوية فقد يتم تغير قيمة ph بسبب النبات نفسه وأيضاً بسبب تحلل المادة العضوية في وسط الزراعة والقيمة الأمثل ل ph بين 5 – 6 .
- الناقلية الكهربائية EC :
وهو العامل المفتاحي الثاني الذي يجب مراعاته عند تحضير المحلول المغذي والذي يعبر عن التركيز الكلي للأملاح ولقيمة Ec تأثير كبير في نمو النباتات وفي الإنتاجية
وعلى الرغم من أن قيمة Ec لا تعبر عن تركيز كل عنصر بمفرده لكنها طريقة فعالة لضبط الحالة التغذوية العامة للمحاليل المغذية المستخدمة والقيمة الأمثل للناقلية الكهربائية يجب أن تكون أقل من 3 ds/m
ويتم قياس EC بهدف إعادة ضبط تركيز المحلول المغذي على الرغم من أن الإعتماد على قياس الناقلية لا يعد كافياً لأنه لا يحدد بدقة تركيز العناصر المفقودة من المحلول المغذي والتي يمتصها النبات ولا يحدد تركيز العناصر التي يمكن أن يحتفظ بها الوسط ( عند الزراعة في الأوساط)
ما هي الشروط اللازمة لنجاح الزراعة المائية
- توفير الأوكسجين الكافي لنمو الجذور وذلك لأنها تستنفذ مايوجد في المحلول المغذي من أوكسجين في فترة قصيرة ، وتختلف طرق توفير احتياجات الأوكسجين اللازمة لنفس الجذور حسب نوع المزرعة.
- حجب الضوء عن الجذور وذلك كي تشابه الزراعة في التربة بحيث لايجب أن يصل ضوء يؤدي لضهور الطحالب او الكائنات الحية الأخرى .
ما هي أشكال أنظمة الزراعة المائية
إن الزراعة المائية متنوعة ولها عدة أنظمة يمكن استخدامها لتمكن النبات من الوصول إلى السائل الذي يحتوي المواد الغذائية اللازمة و تدعى هذه الأنظمة بأنظمة الأغشية المغذية ، وهي واحدة من أهم وأحدث تقنيات الزراعة بدون تربة ، وهي تتغلب على مشاكل الأنظمة السابقة وعلى مشاكل التهوية أيضاً ، وسوف يتم شرحا بما يلي :
الزراعة بالتطويف : في هذه الطريقة يتم وضع النباتات الصغيرة في ألواح مثقبة لتعلق الجذور بشكل يمكن أن يبقى قسم منها في الهواء ، أما عن القسم السفلي منها فيغمر بالمياه الحاوية على المحلول المغذي الذي يكون ساكناً وليس جارياً على أن يتم تغييره كل فترة قصيرة.
يزود الوعاء الحاوي على المياه بمضخة لضخ الهواء لتزويد النباتات بما تحتاجه من الأوكسجين.
الزراعة في الأنابيب : بحيث يتم زراعة الشتول الصغيرة في أكواب صغيرة تحتوي على الخفان أو مادة أخرى خاملة كالصوف الزجاجي ، على أن تكون الجذور قادرة على الوصول إلى السائل المغذي الجاري.
وما نحتاجه في هذا النظام هو وضع أنابيب بميول خفيف لتساعد على جريان الماء المضاف ، بحيث تضخ المياه عن طريق مضخات معيرة بشدة مناسبة لتستطيع النباتات امتصاص المواد الغذائية بكمية مناسبة لنموها، وتكون هذه الجذور مغمورة بالمياة المضافة بشكل جزئي
أما عن التيار المائي فيكون بالشكلين الذين وضحا سابقاً:
نظام التيار المفتوح : أي تتم إضافة السائل المغذي للنباتات ومروره بها لمرة واحدة فقط ، ثم يتم التخلص من هذا المحلول أو الإستفادة منه في مجال زراعي آخر.
نظام التيار المغلق : أي مرور السائل المغذي نفسه على جذور النباتات لأكثر من مرة وذلك بعد تعديل محتواه وماينقصه من العناصر الغذائية .
ما هي الشروط الواجب توافرها في نظم الأغشية المغذية
هناك بعض الشروط الأساسية التي بدونها لا ينجح نظام الزراعة المائية :
- ألا يكون دخول المحلول سريعاً لدرجة تؤدي إلى أضرار بالجذور.
- يجب ألا يكون معدل سريان المحلول المغذي من فتحة الدخول سريع حتى لا يحدث ارتفاع لعمق المحلول المغذي في القنوات بحيث يغطي حصيرة الجذور.
- أن يتم الحصول على ميل منتظم خال من الحفر ، ويجب أن يكون انحدار القناة منتظماً ، وبطريقة متجانسة مع عدم وجود أية ارتفاعات أو انخفاضات حتى لو في حدود الميلي مترات.
- يجب أن تكون قاعدة القنوات مستوية حتى يكون المحلول المغذي في صورة غشاء رقيق ، وذلك لأن القناة المقعرة تجعل عمق المحلول في القناة كبيراً .
- يجب أن يكون عرض القنوات كافي حتى لا يحدث إعاقة لسريان المحلول المغذي بواسطة الجذور مما يؤدي إلى زيادة عمق المحلول المغذي في القنوات ، وأن يكون ملائماً لنوع النبات وحجم جذوره .
ما هي مزايا الزراعة المائية و عيوبها
المزايا :
- الزراعة المائية تستخدم الماء استخداما مثالياً.
- كفاءة عالية جداً في استخدام الأسمدة.
- المحاليل المغذية المستخدمة من السهل تعقيمها بوسائل مختلفة.
- لاتحتاج إلى حسابات مائية وكميات مياه الري.
- يمكن تدفئة المحلول المغذي في اوقات الشتاء مما يقلل من تكاليف تدفئة كل البيوت المحمية.
- تقليل التكلفة الخاصة بالعمليات الزراعية وتعقيم التربة التي أصبحت مرتفعة بشكل كبير.
السلبيات :
- الزراعة المائية لها عيوبها أيضاً مثل سرعة انتشار الأمراض التي تصيب النباتات عن طريق الجذور.
- احتمال إصابة قاعدة ساق النبات بما يشبه الإحتراق نتيجة تراكم الأملاح على قاعدة النبات بالقرب من مكان تلامس الساق مع غشاء المحلول المغذي.
- تحتاج إلى نوعية جيدة من المياه.
- تحتاج إلى إمداد طاقة مستمر.
- زيادة التكاليف الإنشائية نسبياً.
لا يمكننا إنكار أن الزراعة المائية في هذا الزمن هي من أفضل أنواع الزراعة ، فإذا كنت تنوي تنفيذها لا تتردد أبداً ، ومن المستحسن وجود دقة عالية في العمل حتى تحصل على نتائج مرضية. وفي حال لديك أي استفسار شاركه بالتعليقات وسوف نجيب على أسئلتك بإذن الله.