المحتويات
انبثقت نظرية فيزياء الكم على العالم من خلال الفيزياء التقليدية و التي فتحت آفاق واسعة أمام العلماء لتفسير الظواهر المحيطة بنا. لنتعرف معاً في مقالنا التالي على عجائب فيزياء الكم.
تعريف فيزياء الكم
تعرف فيزياء الكم أو ما يعرف بميكانيك الكم على أنها جانب من جوانب الفيزياء الحديثة، فقد تطورت بصورة مستمرة منذ ظهور نظريات نويتن وقوانينه وطبقت على مدى أخذ بالاتساع بشكل متزايد عن الفيزياء التقليدية متضمنة أيضاً تفاعل المجال الكهرومغناطيسي مع المادة.
كما وتقوم فيزياء الكم بتفسير الظواهر التي لم تستطع الفيزياء التقليدية تفسيرها كالاستقرار الملحوظ في الذرات والجزيئات، كما تهتم فيزياء الكم بمحاولة الوصول إلى تفسير علمي لسلوك الذرة ومكوناتها الأساسية من إلكترونات، بروتونات، ونيوترونات.
وقد بدأت فيزياء الكم في الظهور في القرن العشرين، حيث قام ماكس بلانك عام 1900 بتقديم بحث لتفسير إشعاع الجسم الأسود، ومن ثم تطورت على يد ماكس بلانك ونيلزبور وهايزنبرغ وألبرت أينشتاين وإروين شرودينجر وغيرهم من علماء الفيزياء.
بعض أفكار فيزياء الكم
يوجد العديد من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها هذا العلم، سوف نذكر بعضها:
- تجربة قطة شرودينغر في الصندوق
يجري في هذه التجربة وضع قطة داخل صندوق يحوي على أداة تطلق غازاً ساماً في حال الكشف عن إلكترونات. وبعد انقضاء ساعة من الوقت يتم الاستفسار عن حالة القطة، الجواب الذي يتوارد إلى أذهان العامة أن القطة قد تكون حية أو قد تكون ميتة، أما الجواب الأكيد مرتبط بالكشف عن الصندوق. لكن وفقاً لنظرية فيزياء الكم، من الأفضل القول أن القطة نصف حية و نصف ميتة إلى أن يتم التحقق من ذلك، فالأمر يعتمد على افتراض علم الاحتمالات وليس على الحقيقة. فيما يأتي دور الحقيقة عند النظر إلى الصندوق.
- مبدأ الطاقة
يعتمد هذا المبدأ أن الطاقة تكون على شكل حزم منفصلة يطلق عليها اسم الكمّات، بحيث لا يمكن للطاقة أن تكون على شكل حزم متصلة. وهذا ما توصل إليه ماكس بلانك عندما فسر منحنى الطيف المغناطيسي المنبعث من الجسم الأسود.
- لا يمكن تطبيق قوانين الفيزياء التقليدية على الظواهر الطبيعية في المستويات الذرية ودون الذرية، لأنها سوف تفشل في تفسير تلك الظاهرة.
- الخاصية الجسيمية-الموجية للأنظمة الدون ذرية.
لا يمكن معاملة النظام الفيزيائي (الضوء، أو الجسيمات المقاسة أبعدها بالنانومتر) كجسيمات أو موجات إلا بعد إجراء تجربة.حيث فكر (لويس دي بروغلي) الذي تخرج من جامعة باريس في التأثير المعاكس الذي قد تقوم به الجسيمات لتكون من خلاله ذات ” طبيعة موجية ” وفي عام 1924 اقترح أن كتلة الجسيم (M ) وسرعته (V) لا بد أن يكون لها صلة بطول الموجه. وكان لفكرته دور في فهم تكميم المدار الذري للإلكترون ولشرح الطبيعة المزدوجة (الجسيمية/الموجية) فاقترح (بوهر) مبدأ أكمل فيه ما بدأه (لويس دي بروغلي) ويقول:”من غير الممكن و من غير الضروري إختيار أحدهما (الموجة أو الجسيم) ، لأن كلاهما أساسي لوصف كامل للطبيعة “.
- مبدأ هايزنبرغ في الريبة
وهو ينص على أنه كلما كان مقدار طاقة الجسم معلوماً ومحدداً بدقة كلما كانت الريبة (عدم اليقين) أكبر في حساب موقعه نسبة للزمن والعكس صحيح. وينطبق هذا المبدأ أيضاً على موقع ونشاط (الزخم) Momentum الجسم.ففي عام 1926 قدم (ويرنير هايزنبرغ) مبدأ يقول :” لا يمكن لأحد أن يعثر على الموقع والزخم (كمية تحرك) في نفس اللحظة بشكل كامل” وهذا هدم حلم (لابلاس (1799–1825) وهو عالم رياضيات وفلكي فرنسي كان يتعقد بوجود “كون” يتسم بالقطعية أو اليقين وكان قد طور علم الإحصاء وعلم الفلك المبني على الرياضيات.
عجائب فيزياء الكم
- فيزياء الكم والطفرات الجينية
تتم دراسة هذه النظرية من قبل العالم جيم الخليلي مع فريقه، فيما إذا كان هناك دور للنفق الكمي في الطفرات الجينية التي تحدث في الحمض النوويّ.
فمن المعروف أن الحمض النووي مكون من شريط حلزوني مزدوج يربطه ببعضه روابط هيدروجينية. بالإضافة إلى وجود روابط هيدروجينية مع نواة ذرة الهيدروجين، والذرة الموجودة على القاعدة النيتروجينية المجاورة.
ما يبحث عنه الفريق هو إمكانية أن يحدث نفق كميّ للبروتون؛ فينتقل من ذرة للذرة المقابلة والذي بدوره قد يؤدي إلى حدوث طفرات عند نسخ الحمض النووي. وما توصل إليه الفريق حتى الآن هو وجود احتمالية كبيرة لحدوث مثل هذه الظواهر، لكن نتائج هذه الظواهر، ومدى تأثيرها على حدوثِ الطفرات لم يُؤكد بعد، والأمر برمته قيد الدراسة حتى الآن.
- فيزياء الكم والتمثيل الضوئي
تتمثلُ التطبيقات الأساسية للبيولوجيا الكميّة في شرح الكيفية التي يصل بها التمثيل الضوئي في بعض أنواع البكتيريا إلى تلك الكفاءة العالية والتي قد تصل إلى 90%.
ومبدأ ميكانيكا الكم الذي سنختبره هنا هو (مبدأ التراكب – Superposition principle). وينص مبدأ التراكب هذا على أن الجزيئات الكميّة يمكنها أن توجد في أكثر من مكان في الوقت ذاته.
وبالرجوع إلى التمثيل الضوئيّ، ووفقًا للنظرية القديمة فإن فوتونات الضوء تصطدم بجزيئات (الكلوروفيل – Chlorophyll)؛ فيمتص أحد الإلكترونات الفوتون فيصبح مثارًا، ولكي تتحول الطاقة في الإلكترون المثار إلى صورة يمكن للنبات الاستفادة منها؛ لا بد من أن ينتقل الإلكترون إلى مركزِ تفاعل البناء الضوئي.
وبينما تتمثل النظرية القديمة أن الإلكترونات تسلك مساراتٍ عشوائية مختلفة؛ للوصول إلى مركز التفاعل، فالنظرية الحالية أن الإلكترون يسلك كل المسارات المتاحة في الوقت ذاته حسب نموذج التراكب الكميّ، وهو النموذج الذي يفسر كفاءة التمثيل الضوئيّ في حفظ الطاقة.
- الحواسيب والهواتف الذكية
تساعدنا فيزياء الكم على فهم طبيعة الجسيمات الصغيرة مثل الإلكترونات. فتخبرنا حسب مبدأ تكافؤ المادة والموجة أن المواد لها خصائص موجية، وأن المنظور الماديّ والموجيّ للأشياء وجهان لعملة واحدة.
فتساعدنا نظرية (بنية النطاق – Band structure) للمواد الصلبة على فهم، والتحكم في موصلية المواد الصلبة المختلفة حسب فهمنا للطبيعة الموجيّة للإلكترون.
ومن هذا المنطلق، وجدنا أن السيليكون مثلًا عندما يضاف إليه شوائب من مواد أخرى مثل الفسفور والبورون؛ تحسن بدورها من أدائه كشبه موصل. أو مثلًا عندما نضع طبقات من السيليكون المشاب بعضها فوق بعض، يكون لدينا ترانزستورات على مستوى النانو؛ فتعطينا الإمكانية أن نملأ لوحة صغيرة لا تتجاوز مساحتها مساحة ورقة بمليارات الترانزستورات التي بدورها تعد حجر الأساس في صناعة الإلكترونيات عامة، سواء كانت حواسيب، أو هواتف خلوية أو حتى ألعاب الأطفال.
وعندما ننظر إلى شاشة الهاتف الخلويّ، نرى فيزياء الكم مُتجسدةً فيها. فنظرية بنية النطاق ساعدتنا على التحكم في أشباه الموصلات وتعديلها. وهي أيضًا السبب وراء التكنولوجيا الأقدر في الإضاءة (ومنها إضاءة الشاشات) ألا وهي تكنولوجيا (الصمام الثنائي الباعث للضوء – LED). فعن طريق صمام ثنائي مصنوع من أشباه الموصلات، يسمح للإلكترون بالمرور خلاله من الكاثود إلى الأنود الذي وأثناء ارتحاله، يفقد جزءً من طاقته؛ فيخرجه على شكل فوتون ضوئيّ ذي طول موجيّ محدد.
- تكنولوجيا الليزر
لم تكن لتظهر فكرة الليزر لولا الورقة البحثية التي نشرها العالم ألبرت آينشتين في العام 1917 حول تفاعل الفوتونات مع الذرات، والذي بدوره فتح الأبواب لفكرة (الانبعاث المستحث – stimulated emission). وتعتمد الفكرة أنه عند اصطدام فوتون بطول موجيّ معين بذرة ذات طاقة عالية (كأن توضع في درجات حرارة عالية أو تفريغ كهربائي)؛ فإن هذه الذرة تنتج فوتونًا مطابقًا للفوتون الأول. وعند تكرار ذلك على نطاق ذرات عدة؛ يكون لدينا شعاع ليزر مكثف. ولدى أشعة الليزر نفسها استخدامات عديدة: فهي الأساس لنقل المعلومات باستخدام الألياف الضوئية، وأجهزة الاستشعار والرادار الحديثة، وكثير من أنظمة الحماية الحديثة علاوة على استخدامها في صناعة بعض أدوات القياس الدقيقة، والقطع باستخدام الليزر.
قد يعجبك أيضاً:
ما هي الطاقة المظلمة