المحتويات
ما هي العمارة المستدامة أو العمارة الخضراء – ما هي الإستدامة في العمارة : هو مصطلح عام يصف تقنيات التصميم الواعي بيئياً في مجال الهندسة المعمارية و هي عملية تصميم المباني بأسلوب يحترم البيئة مع الاخذ في الاعتبار ترشيد أستهلاك الطاقة و المواد و الموارد مع تقليل تاثيرات الإنشاء و الاستعمال على البيئة مع تنظيم الإنسجام مع الطبيعة.
و قد تم تأطير العمارة المستدامة من جانب أكبر من خلال مناقشة القضايا الملحة أقتصادياً و سياسياً في عالمنا على نطاق واسع
تسعى العمارة المستدامة إلى التقليل من الآثار البيئية السلبية في المباني من خلال تعزيز كفاءة أستخدام المواد و الطاقة و الفضاء.
ببساطة أكثر ، فإن فكرة الإستدامة، أو التصميم البيئي، هو ضمان أن تكون نشاطاتنا و قراراتنا لا تمنع الفرص عن الأجيال المقبلة. و يمكن استخدام هذا المصطلح لوصف الطاقة في التصميم المبنية و الواعية بيئياً.
أي أن الإستدامة تعني عدم أستنزاف الموارد الطبيعية لضمان دوامها و أستمراريتها للأجيال القادمة
ما هي الإستدامة في العمارة تاريخياً
منذ بداية التاريخ البشري على الأرض و وعي الإنسان تغير كثيرًا، و كذلك رؤيتة للبيئة و تعامله معها، و مع زيادة عمر الإنسان على الأرض ازدادت وحشيته تجاه البيئة
حيث بدأ الإنسان في الاعتقاد أن البيئة ما خُلقت إلا لخدمته وكلُ ما فيها مسخرٌ له يفعل بها ما يشاء، حتى وصل إلى أعلى درجات تعديه على البيئة مع بداية عصر الثورة الصناعية و استمر هذا حتى يومنا الحاضر في أشكالٍ كثيرة.
و مع هذا التغير التدريجي في سلوك الإنسان و تعامله مع البيئة و تحديدًا في عام 1962 عندما نشرت العالمة راشيل كارلسون كتابها «الربيع الصامت» و التي ناقشت فيه، و لأول مرة، آثار الثورة الصناعية على البيئة؛ حيث أشارت العالمة في كتابها إلى اختفاء أنواع كثيرة من الطيور نتيجة الاستخدام الكثيف للأسمدة، حيث قالت: «كم أخاف أن يأتي الربيع القادم صامتًا بلا طيور تغرد في الغابة، و تعج الصحراء بالجراد ويتشوه منظر النجوم و القمر.
و منذ ذلك الحين بدأ الإنسان يرى نتائج أفعاله بالبيئة، و يُعتبر هذا الكتاب نقطة تحول كبيرة في الفكر البشري و الأساس الأول الذي مهد لظهور الاستدامة، و من بعدها توالى الهجوم على طريقة تفكير الإنسان في عصر الثورة الصناعية
حيث تلاها حملة قام بها المحامي رالف نادر في عام 1965 هاجم فيها مواصفات الأمان لسيارت جنرال موتورز، و في عام 1968 كان أول اجتماع لما يسمى بنادي روما «CLUB OF ROME»، و هي رابطة غير رسمية من شخصيات مستقلة رائدة في مجالات السياسة و التجارة و العلوم تسعى للوصول إلى مستقبل أفضل.
وبعد معرفة ماسبق نتسائل ما هي المواد المستخدمة في تلك العمارة
في ما يلي سنذكر 8 من المواد المستخدمة في العمارة المستدامة و كيف من الممكن الاستفادة منها للحد من التلوث البيئي وتحقيق إستثمار أفضل للموارد البيئية المتاحة
- الأسمنت البورتلاندي البوزولاني (PPC)
هو نوع مختلف من الأسمنت البورتلاندي العادي (OPC)، والذي يتضمن خليطًا من المواد البوزولانية المعروفة بزيادة قوة الخرسانة وتقليل كمية الأسمنت المستخدمة. - الخيزران
مع جماليات مثل الخشب، يعتبر الخيزران عشبًا ينمو بسرعة كبيرة. يستخدم الخيزران كمواد بناء منذ العصور القديمة واكتسب شعبية في الوقت الحاضر بسبب ندرة الخشب الطبيعي. يستغرق الخيزران من 3 إلى 5 سنوات حتى ينضج مقارنةً بالأشجار الأخرى، والتي تستغرق من 50 إلى 100 عام لإنتاج الخشب للبناء. إنه أخف من الفولاذ ولكنه يتمتع بقوة خمسة أضعاف قوة الخرسانة. يتميز بمقاومة جيدة للرطوبة ويمكن تشطيبه بسهولة لجعله مقاوم للخدش. - أرضيات العشب Grass Pavers
- يتم تصنيع أرضيات العشب من البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 100٪. يتم وضع الشبكات البلاستيكية المعاد تدويرها على السطح، ثم يتم زرع الغطاء النباتي في كل من فتحات الشبكة. فهي خفيفة الوزن مقارنة بالأرصفة الخرسانية وبالتالي فهي سهلة النقل.
- الألواح الليفية Fibreboards
يتم تصنيع الألواح الليفية من منتجات نفايات الخشب مثل نشارة الخشب ورقائق الخشب وما إلى ذلك.هناك ثلاثة أنواع من الألواح الليفية المتوفرة في السوق:- ألواح حبيبية أو ألواح ليفية منخفضة الكثافة
- ألواح ليفية متوسطة الكثافة (MDF)
- ألواح ليفية عالية الكثافة (HDF).
- تستخدم الألواح الليفية في الوقت الحاضر على نطاق واسع لصنع الأثاث بدلاً من الخشب الطبيعي.
- الدهانات منخفضة المركبات العضوية المتطايرة
نبعث من الدهانات رائحة قوية بسبب وجود مركبات عضوية متطايرة (VOC) مثل الفورمالديهايد.
تأتي الدهانات في المرتبة الثانية لتنبعث منها المركبات العضوية المتطايرة بعد السيارات. يؤدي التعرض المطول للمركبات العضوية المتطايرة إلى الحساسية و يقلل من جودة الهواء الداخلي في منزلك.
بالنسبة للأشخاص الحساسين، يمكن أن يسبب الصداع و التهيج و الغثيان و ما إلى ذلك.
تحتوي الدهانات منخفضة المركبات العضوية المتطايرة على عدد أقل من المواد الكيميائية التي تنبعث منها المركبات العضوية المتطايرة. عادة ما تكون دهانات مائية. تعتبر الدهانات منخفضة المركبات العضوية المتطايرة باهظة الثمن مقارنة بالدهانات العادية - ورق جدران Grasscloth
ورق جدران Grasscloth عبارة عن ورق حائط مصنوع يدويًا بأعشاب طبيعية (ألياف) منسوجة مع خيط رفيع مطلي وملتصقة بدعامة من الورق. يخلق ورق الجدران Grasscloth الدفء بفضل ملمسها الحقيقي الجذاب.
وهي مصنوعة من مواد طبيعية مثل القنب، والجوت، والسيزال، والأروروت، والقصب، أو زجاج البحر وما إلى ذلك. هذه الألياف الطبيعية منسوجة يدويًا معًا باستخدام خيوط قطنية ومثبتة على دعامة رقيقة من ورق الأرز. - نوافذ زجاجية منخفضة الانبعاثية Low E Glass
يتميز الزجاج منخفض الانبعاثية المعروف باسم Low E Glass بخصائص عزل حراري ممتازة.
يتم وضع طلاء خاص على الزجاج الذي يسمح بدخول الضوء المرئي فقط إلى الغرفة و بالتالي يوفر الحماية من الأشعة فوق البنفسجية و الأشعة تحت الحمراء. يعمل زجاج Low e كحاجز بين درجة الحرارة الداخلية و درجة الحرارة الخارجية، و بالتالي يمنع نقل الطاقة.
ما هي أهمية العمارة المستدامة للبيئة؟
بينما يهاجر العالم نحو مستقبل أكثر أستدامة يواجه المهندسون المعماريون هدفاً مهماً يتمثل في نماذج التصميم التي تقلل الآثار السلبية على بيئتنا بسبب البناء، و لجعل هذا حقيقة واقعة تسترشد التصاميم بمبادئ العمارة الخضراء، وفيما يلي بعض هذه المبادئ
- كفاءة الطاقة
تتضمن مبادئ العمارة المستدامة أو الخضراء تدابير مختلفة تشجع على كفاءة الطاقة، حيث يتم ذلك من خلال تصميمات تقلل من استهلاك الطاقة بما في ذلك متطلبات الطاقة لاستخدام الطاقة و استغال مصادر الطاقه المتجددة والمستدامة مثل الرياح والطاقة الشمسية
فعلى سبيل المثال تهتم العمارة المستدامة بأنماط تدفق الهواء الطبيعي و الإضاءة الطبيعية لتقليل الحاجة إلى التدفئة و التهوية و تكييف الهواء و إضاءة نهارية اصطناعية على التوالي. - كفاءة استخدام المياه
تعمل العمارة الخضراء بإلهام البيئة المحيطة لحماية جودة المياه و تقليل استهلاك المياه أو الهدر، حيث إنه جزء من المبادئ المستدامة في البناء الأخضر التي تشجع على الاستخدام الفعال للمياه، كما يضمن مبدأ العمارة الخضراء هذا أن المياه يتم حصادها و استخدامها و تنقيتها وإعادة استخدامها خلال فترة البناء بأكملها.
و في الوقت نفسه يضمن التصميم المعماري أنه في دورة حياة المبنى بأكملها لا يدعم الاستخدام الفعال للمياه فحسب بل يحافظ أيضًا على جودة أنظمة المياه المحيطة و يستفيد من آليات إعادة تدوير المياه . - كفاءة استخدام الأراضي
تتعلق كفاءة استخدام الأراضي بالتصاميم المعمارية التي تشجع على التطوير المناسب للموقع من حيث الحفاظ على البيئة المحيطة و إعادة استخدام المواد المحلية الموجودة ، و هي تدعو إلى دمج حدائق الأسطح و الملاجئ الأرضية و المناظر الطبيعية الواسعة حول المبنى و في جميع أنحاء المبنى. - انخفاض الأثر البيئي و الحفاظ على الخصائص الطبيعية
ثبت أن مشاريع البناء مسؤولة عن أكثر من 50٪ من الآثار البيئية و تدمير النظم الطبيعية ، حيث تساهم مشاريع البناء أيضًا في حوالي 10 ٪ من إجمالي الانبعاثات العالمية كل عام ، لذلك فإن أحد مبادئ العمارة الخضراء هو استخدام التصاميم الخضراء لتقليل هذه الآثار البيئية.
على وجه الخصوص هذا المبدأ الأخضر يدور حول منع تدهور الموقع أثناء البناء و إدارة الامتداد و الاستخدام الخاضع للرقابة للموارد بالإضافة إلى ضمان أن المباني الموفرة للطاقة تقلل من التأثيرات الكلية على البيئة، كما يساعد التصميم في الحفاظ على الموارد الطبيعيه و تحسين جودة المياه و الهواء و حماية النظم البيئية و حفظ التنوع البيولوجي . - كفاءة المواد
الإدارة السليمة واستخدام المواد في البناء هو أيضا مصدر قلق كبير آخر، حيث يجب استخدام تقنيات البناء المناسبة وهذا هو المكان الذي تأتي فيه العمارة الخضراء، وعلى هذا النحو تعد كفاءة المواد أحد مبادئ العمارة الخضراء لأنها تخلق التصاميم التي تلهم البناء المستدام من خلال تحسين عمليات البناء. - تكاليف صيانة منخفضة
كما ذكرنا سابقًا أثبتت تكاليف التشغيل والبناء المرتبطة بآليات البناء التقليدية أنها تكون مرتفعة جدًا وتتطلب نفس المواد المادية، حيث يسهل التصميم المعماري الأخضر هنا استخدام بعض المواد وتقنيات البناء التي تساعد في تقليص تكاليف التشغيل والتشييد بأكثر من النصف، ويعزى ذلك كله إلى فعاليتها من حيث التكلفة.
يستلزم مبدأ العمارة الخضراء هذا الحاجة إلى استخدام المنتجات النباتية المتجددة والمعدن المعاد تدويره و الحجر المعاد تدويره من بين المنتجات الأخرى غير السامة، كما تضمن المنتجات المتجددة و القابلة لإعادة الاستخدام أداءً عاليًا مع تقليل تكاليف الصيانة على المدى الطويل في نفس الوقت. - الحد من النفايات
بشكل عام تعمل العمارة الخضراء على زيادة الطلب على تقليل إهدار المياه و الطاقة و المواد أثناء البناء و حتى بعده ، و على هذا الأساس يوفر التصميم المعماري الأخضر طرقًا أسهل لتقليل مقدار هدر المنتج الاستهلاكي الناتج عن شاغلي المبنى من خلال تكامل الحلول في الموقع مثل صناديق السماد و نظام إدارة النفايات الصديق للبيئة، كما يعتني التصميم أيضًا بنهج إعادة تدوير المياه و توفير الطاقة في البناء لتقليل إهدار المياه و الطاقة على حد سواء. - استخدام الطاقة المتجددة
من بين مبادئ العمارة الخضراء استخدام الطاقة المتجددة، حيث يعمل هذا المبدأ بشكل مثالي لجعل الطاقة المتجددة جزءًا من التصميم المعماري أو ميزة موصى بها للغاية، كما يعد استخدام طاقة الرياح و الطاقة الشمسية و الغاز الحيوي أمثلة على تقنيات الطاقة المتجددة التي غالبًا ما يتم تضمينها في تصاميم العمارة الخضراء. - يحرص المهندسون المعماريون على تكييف التصاميم بناءً على المواقع الجغرافية للاستفادة الكاملة من الطاقة المتجددة المتاحة، وعلى سبيل المثال يقوم المهندسون ذوو التوجهات الخضراء بتصميم المباني للاستفادة الكاملة من التغييرات الموسمية و موقع الشمس والمواردالإقليمية الأخرى مثل الرياح والكتلة الحيوية.
- جودة البيئة الداخلية
تعد جودة البيئة الداخلية أيضًا جزءًا من مبادئ العمارة الخضراء، حيث يتضمن تصميم منزل أو مبنى تجاري على أساس المبادئ الخضراء ميزات المساحة الداخلية المريحة مع التركيز على التحكم في درجة الحرارة الطبيعية و التهوية المناسبة و استخدام المنتجات التي لا تنبعث منها مركبات أو غازات سامة، و الغرض من هذا المبدأ هو ضمان جودة البيئات الداخلية.
مقارنة المباني الخضراء بالمباني العادية نجد أن المباني الخضراء
- تحد من إستهلاك الطاقة بنسبة ٢٤ – ٥٠ ٪
- تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة ٣٣ – ٣٨ ٪
- تقلل من إستهلاك المياه بنسبة ٤٠ ٪
- تقلل من توليد المخلفات والنفايات الصلبة بنسبة ٧٠ ٪ .
- تقليل كلفة التشغيل بنسبة ٨ – ٩ ٪
- تستهلك أقل من ١٠٠ كيلو واط – ساعة/متر مربع سنوياً .
بعد كل هذا يمكن القول أن العمارة الخضراء مفيدة جداً للإنسان و حتى البيئة، و لهذا يجب المحاولة للتحول الى هذه المباني للمحافظة على بيئتنا نظيفة و هادئة، فلا بد ان الأجيال القادمة تستحق أن تنعم بربيع منعش.
قد يعجبك أيضاً:
تطور الفن عبر العصور