إن السعادة كالنور، عندما تتسلل إلى القلب تنيره وتخلق فيه الحياة من جديد. بعض الأشخاص يخلقون السعادة و يجدونها في أبسط الأشياء وأثمنها ومن ابسط هذه الأشياء و أثمنها هي مساعدة الآخرين. فكيف مساعدة الآخرين تحقق سعادة ؟ لنتابع الإجابة في مقالنا التالي.
أثر السعادة على الإنسان
أثر السعادة على الإنسان: تشير بعض الدراسات والتجارب العلمية إلى أثر الشعور الإيجابي على مدى قابلية الإنسان للتحرّك والبدء بنشاط حركي معيّن
مبيّنةً أنّ مشاعر التفاؤل تولد عدد من النوايا الحسنة التي تدفع صاحبها للمبادرة والعمل والإنجاز في وقت مبكر، على عكس مشاعر الحزن والإحباط التي تجعل المرء يميل للخمول والتقاعس عن العمل أو حتى التفكير بالقيام بأي نشاط بدني
لذا يمكن اعتبار السعادة محفز ذاتي للإنجاز وتنمية المبادرة ذهنياً وعملياً. لا يقتصر أثر السعادة على الجوانب المعنوية أو النفسية، بل يتعداه للجوانب الصحية
لأنّ المحافظة على المشاعر الجيدة لسنوات بالابتعاد عن الإحباط والتوتر والقلق، تساهم السعادة المتواصلة حينها في تقليل نِسب المشكلات الصحية، مع التأكيد على أنّ السعادة لا يمكن شراؤها بالمال أو المظاهر، لذا فإنّ مسؤولية صناعتها والتمسك بها أمر يرجع للإنسان ذاته.
مساعدة الآخرين تحقق سعادة – كيف يتم ذلك؟
حين تكون لطيفاً مع الآخرين وتقدم المساعدة لهم بكل صدق ومحبة، فإن المناطق المسؤولة عن الإحساس بشعور السعادة في الدماغ تكون في أوج عملها ويكون إفراز هرمونات السعادة كالسيروتونين والدوبامين في حدوده العليا مما يمنح الإنسان الشعور بالرضا عن الذات ويدفعه إلى تقديم المزيد من المساعدة والعون.
كما أن مساعدة الآخرين لا تخلق شعوراً بالسعادة وحسب، بل تقلل من الضغط والتوتر الذي يتعرض له الشخص فيعمل على توجيه طاقته ووقته للمساعدة فيرى الأمور من منظور أكثر حكمة.
إن لمساعدة الآخرين انعاكس واضح على النفس البشرية فتخلق فيها شعوراً بالإيثار مما يدفع الشخص على تبدية مصلحة الآخرين على مصلحته الشخصية عند رؤية حاجتهم وضعفهم وضرورة القيام بواجبه الإنساني اتجاههم.
ليس هذا وحسب فمساعدة الآخرين تكون بيئة احتماعية صحيّة ومتوازنة وتخلق جوّاً من الألفة والسكينة بي أفراد المجتمع الواحد فيصبحون معنيين بتقديم المساعدة والدعم اللازمين للأفراد المحتاجين لها ويصبحون على ثقة أيضاً بأن هذه المساعدة والدعم سترد لهم حتماً عند حاجتهم إليها.
بالمقابل عندما يعرف الأشخاص مشاكل بعضهم البعض، تتغير نظرة الشخص الواحد لأمور حياته وأولوياته، فيعيد ترتيبها وفقاً لنظرة أكثر شمولية واتساعاً وتغدو الحياة بعقباتها وتحدياتها أكثر وضوحاً.
ولا يجب أن ننسى أثر هذه المساعدة والدعم على الآخرين، فكل فرد في هذا المجتمع يمر بظروف وأيام متعبة تجعله في حيرة من أمره غيرَ قادر على المتابعة والاستمرار، فعندما يجد يد العون والمساعدة ممدودة نحوه بكل حُب ودون أي مقابل لذلك
ينبعث في نفسه شعور الأمان والطمأنينة، ويكون على ثقة بأن الحياة ترسل المنقذ للمساعدة في الوقت المناسب، فيشعر بالسعادة وينهض مجدداً لمواجه عقباته بكل إصرار وقوة.
ما هي طرق مساعدة الآخرين؟
الدعم النفسي
الدّعم النّفسي والمعنوي الذي يمكن تقديمه للآخرين هو من أرقى وأسمى أشكال مساعدة الآخرين، حيث أن المطلوب فيه هو صدق الاستماع والانصات والأمانة في النّصح والإرشاد والمشورة. ويمكن تقديم المساعدة النّفسيّة للآخرين من خلال الطّرق التّالية:
- الاستماع بوعي وتركيز عند مقابلة شخص يحتاج للدعم المعنوي.
- الاتصال بالشّخص والتّواصل معه عبر الهاتف أو عبر قنوات ومنصات التّواصل الاجتماعي للاطمئنان.
- الرّبط بين الشّخص الذي يحتاج المساعدة النّفسيّة والأخصائي النّفسي.
- التّعاطف والنّصح بصدق وأمانة.
- مشاركة الخبرات والمعرفة تطوّعاً، مثل التطوع لتعليم المهن أو تدريس الطلاب.
- المشاركة بالمبادرات المعنوية لدعم الفئات التي تحتاج للدعم مثل مرضى السرطان وذوي الاحتياجات الخاصة.
- المساهمة بتسليط الضوء على مشاكل الأشخاص وربطهم مع مقدمي المساعدة عبر نشاطنا على مواقع التواصل الاجتماعي.
الدعم المادي
- تقديم المساعدة الماليّة بشكل مباشر للأشخاص المحتاجين لها.
- تقديم التبرعات الماليّة عبر شركات ومؤسسات وجمعيات تعمل على إيصالها للمحتاجين.
- تقديم التبرعات الماليّة عبر شركات ومؤسسات وجمعيات تعنى برعاية الأشخاص المحتاجين للمساعدة.
- تقديم المساعدة اللوجستيّة بتقديم الاحتياجات العينيّة لمن يحتاجها.
- العمل على تأمين المواد التموينية للأشخاص المحتاجين.
- المشاركة في تأمين الأدوية والمستلزمات الصحية للمرضى غير القادرين.
- المساهمة في تأمين المستلزمات المدرسية ومصاريف الدراسة للطلاب غير القادرين.
- المساعدة في تغطية نفقات السكن والمعيشة للأسر المتعففة.
- المساهمة في تسديد ديون المتعثرين، حيث يدخل البعض السجن بسبب مبالغ بسيطة جداً لم يتمكنوا من تسديدها.
بعض النصائح عند تقديم المساعدة للآخرين
بعض الأشخاص قد يكون لديهم حساسيّة عند عرض مشكلتهم أو عند استقبال المساعدة. وبعض النّاس لا يطلب المساعدة ويشعر بالخجل والحرج من طلبها أو قبولها، لذا هنا نقدم لكم مجموعة نصائح يجب اتباعها لتقديم مساعدة للآخرين دون إحراجهم:
- احترام خصوصيّة الأشخاص: فاحتياجهم للمساعدة لا يعني استباحة حياتهم الخاصة وتفاصيلهم الشّخصيّة.
- فهم شخصيّة الآخرين وطبيعتهم: فاختلاف الثقافات والخلفيات والمرجعيات والتّربية ومستوى التّعليم والمستوى الاقتصادي والاجتماعي كلها عوامل تؤثر في تكوين شخصيّة الأفراد وبالتّالي طريقة طلبهم للمساعدة أو تفاعلهم مع من يقدم المساعدة أو حتى قبول ورفض المساعدة.
- الاستماع أكثر من الحديث: فالشّخص الذي يعاني من مشكلة ما يشعر بالرّاحة بنسبة كبيرة عندما يتحدث عن مشكلته ويجد إصغاءً واهتماماً.
- استخدام مهارات التّواصل اللفظيّة والجسديّة: لغة الجسد ونبرة الصوت وطريقة الكلام والجلوس واستخدام عبارات معينة قد يكون سلاحاً ذو حدين! فقد يساعد في تسهيل عمليّة مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم أو في الجهة المقابلة قد يكون إذا استخدم بطريقة خاطئة سبباً في رفض الحديث أو قبول المساعدة.
- التّعاطف: ويعني مشاركة المشاعر والأحاسيس مع الشّخص وتخيل نفسك مكانه وفي ظرفه. اسأل الشّخص ” ما الذي تحتاجه على وجه الخصوص؟” ولا تقدم وعوداً لا تستطيع تنفيذها أو الوفاء بها.
- عدم الانجراف وراء مشاعر التّعاطف والتّفكير بعقلانيّة ووعي.
- إياك والشّفقة: لا أحد يحب أن يشفق عليه الآخرون وهنالك فرق كبير بين الشّفقة والتّعاطف! فحذار من إظهار شعور الشّفقة تجاه الآخرين فهذا يجرح شعورهم ويشعرهم بالنّقص.
- كن عملياً: العاطفة مهمة لكن مساعدتك للآخرين تتطلب أن تكون عملياً ومرناً في تقديم المساعدة للآخرين.
- انتبه من الاستغلال: فمساعدة الآخرين والوقوف معهم في ظروفهم الصعبة لا يعني أبداً التّعرض للاستغلال من قبلهم
قد يعجبك أيضاً:
علم النّفس الاجتماعي التربوي