المحتويات
جميعنا نعلم و منذ نعومة أظافرنا أننا نخضع للتعلم في كل يوم جديد نعيشه ، و لكن ماهو المسبب الأقوى لهذه العملية ربما سنصاب بالذهول عندما نعلم أن الشك هو أقوى مسبب لعملية التعلم ولذلك تم تناول الشك واليقين في الفلسفة كأحد أهم ركازها
إذ أن دون الشك لم يعد لدينا ما يحثنا على البحث لزيادة معلوماتنا و التأكد من شكوكنا في موضوع معين ، و ذلك طبعا معاكس لليقين ، و الذي يجعلنا مكتفيين بما نعلمه اتجاه موضوع معين دون الحاجة للبحث أكثر , فلنتعرف في هذا المقال على الشك واليقين في الفلسفة
الشك واليقين في الفلسفة
الفلسفة يمكن أن نقول انَّ معناها السعي وراء المعرفة أو حب الحكمة، أهم علوم الفلسفة هي الفلسفة الشكوكية وذلك أن تشكك في المعرفة الحقيقية وتسأل إن كانت هذه الحقيقة مؤكدة أو معلومة.
أكثر الفلاسفة الشكاكّين هو الفيلسوف المعروف رينيه ديكارت، كان الحل برأيه هو الوصول إلى حقيقة البواطن الأشياء وعدم الإيمان بها وقرر عدم تصديق أي حقيقة توصل إليها حتى ولو كان بشكل مؤقت باعتقاده انه إذا استمر في الإيمان في الحقائق فلا يعرف أبداً ان كانت هي خطأ او صواب.
ما هو الشك ؟
الشك : هو حالة ذهنية يكون الدماغ فيها مُعلّقًا بين احتمالين متناقضين أو أكثر، يعجز عن قبول أي منها.
و الشك على المستوى العاطفي هو تذبذب بين التصديق و الإنكار. قد يتضمن ارتيابًا أو قلة اقتناع ببعض الحقائق أو التصرفات أو الدوافع أو القرارات.
_ الشك هو التردد بين المتناقضين بحيث لا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر، عرّف ذلك الجرجاني في معجمه الفلسفي «التعريفات»
وعرفه بعض الفلاسفة: بأنه حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات و النفي و يتوقف عن الحكم بالتالي التصديق بالشيء.
إجتماعيا : قد يحث الشك الناس على التردد قبل التصرف، أو اتباع أساليب أكثر صرامة. و له أهمية خاصة بأنه يمكنه أن يقود إلى الإنكار أو عدم القبول. يخلق الشك جوًا من انعدام الثقة، و يصيّر الشخص اتهاميًا في طبيعته.
علميا : قد أقر هنري بوانكاريه، العلم و الفرضية (عام 1905) (من إصدار دوفر المختصر لعام 1952)، الشك في كل شيء أو تصديق كل شيء حلان مناسبان بالقدر نفسه؛ محاصصة مع حتمية التأثير.»
وصف إسحق عظيموف، في مجموعة مقالاته حقيقة و خيال، العلم باعتباره نظامًا للتسبب بالشك العبقري و حله .
تقيس الطريقة العلمية الشك بصورة منتظمة، و تستخدمه لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لبحث إضافي.
للشك عدة خصائص و ذلك «كما يرى الجرجاني» تمثّلت في الأربع التالية:
- توقف الشخص الشاك عن إصدار أحكامه سواءً بالقبول أو بالرفض.
- قدرة الشخص الشاك على الاختيار و الانتقاء بين النقيضين، و لكنه رغم ذلك يرفضهما معاً، و ذلك لم يعد شكاً، و إنما عجزاً.
- إن الشك تعبير عن الحرية الذاتية للفرد، وهذه الخاصية نتيجة حتمية للخاصيتين السابقتين، فما دام الإنسان الشاك يرفض إختيار أحد النقيضين، وما دامت لديه القدرة على الاختيار والانتقاء بينهما
لكنه رفض كليهما معاً، فالأمر يعني بالضرورة أن مثل هذا الشخص يمارس نوعاً من الحرية الذاتية في أن يحكم أو لا يحكم، وأنه اختار ألا يحكم قطعياً واتخذ موقف الشك بإرادته الحرة دون أي إجبار. - الشك ليس جهلاً، فالشك موقف عقلي واع واتجاه فلسفي يتخذه صاحبه بعد تفكير عميق وتدبر طويل، وبالتالي يجب على الشخص الشاك ألا يقف صامتاً وهو يرفض، وإنما عليه أن يناقش كل الآراء ويفنّدها، ثم ينتقل بعد ذلك إلى نقيضها ويفنّدها أيضاً.
و بالتطرق لمذهب ديكارت ومنهجه الشكوكي و الذي قد تم تبسيطه بالخطوات الأربع التالية:
- عدم القبول إلا بالحقائق التي تيقّنّا من صحتها.
- تحليل الحقائق إلى وحدات أصغر.
- حل المشكلات الصغيرة أولاً، والانتقال المنظّم من المُبَرهَن إلى المجهول الذي يحتاج إلى برهان.
- توليد قائمة بالمشكلات الإضافية.
بوجود ما يعاكس الشك وهو اليقين و اختلاف أصحاب مذاهب اليقين عن أصحاب مذاهب الشك. يجب أن نتعرف ماهو اليقين
اليقين هو الإقرار بصحة موقف معين، و التأكد من صواب الأدلة المدعمة لهذا الموقف دون غيره من المواقف الأخرى، و اليقين في الفلسفة له أهمّيّةٌ خاصّةٌ، و حيث إنّ غرض الفلسفة هو تمييز الحقيقة عن غيرها .
عرّفت الفلسفة اليقين بـ «الاعتقاد الكاشف عن وجه الواقع من بين الاعتقادات» و لمّا كان هٰذا الاعتقاد الكاشف عن الواقع لا بدّ أن يتّصف بالثبات و القطع؛ و عرّف اليقين بالتصديق الجازم الثابت المطابق
أهم خاصيتين لليقين
- الانحياز الواضح والصريح لأحد مواقف أو أطراف المشكلة، وترجيحه بالأدلة الكافية عن غيره من المواقف الأخرى.
- القدرة على الاختيار وعلى إثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له دون الآخر لكن بالأدلة المدعمة لهذا الانحياز، وبمختلف البراهين الممكنة، أي أن الموقف اليقين يتسم بالحرية في الاختيار.
وهذه الخاصية نعلم أن بالشك نخطو أولى خطواتنا نحو المعرفة، اليقين شبه التام يشل عقولنا، ويقف بينها وبين التفكير بحرية مطلقة .
يصنف اليقين إلى ثلاثة تصنيفات فلسفيا
- يقين نفسيٌّ :
و هو عندما تكون الذات التي تملكه مقتنعةً جدًا بحقيقته، و اليقين بهذا المعنى يشبه الرسوخ، و هو الخاصية التي وُجد الاعتقادُ بسببها، كما أن الذات غير قادرة على التخلي عنها، لكنّ اليقينَ النفسيَّ ليس هو نفسه الرسوخ . - يقين معرفيٌّ:
بشكل تقريبيّ ،الإعتقاد هو يقين بهذا المعنى؛ ذلك عندما يمتلك أعلى حالةٍ معرفيةٍ ممكنة. غالبا ما يقترن اليقين المعرفيّ باليقين النفسيّ، ولكن ذلك يجب ألّا يكون؛ فمن الممكن أن يكون للذات اعتقاد بأعلى حالة معرفية ممكنة، لكنه لا يدرك ذلك. - يقين الأخلاقي:
يقول ديكارت : إن “بعض الأشياء تعتبر يقينًا أخلاقيًّا، أي يقينًا كافيًا؛ للتطبيق على الحياة العادية، رغم أنها قد تكون غير متيقنة في العلاقة مع القوة المطلقة: الله”.
ومن ثم فإن يقيناً أخلاقيَّاً يبدو معرفيًّا في طبيعته، رغم أنه في وضع أقل من اليقين المعرفيّ.
لكن ديكارت يقول في النسخة الفرنسية، إن: “اليقين الأخلاقي هو الذي يكفي لتنظيم سلوكنا، أو الذي يرقى إلى مستوى اليقين في الأمور المتعلقة بسلوك الحياة، التي لا نشكك فيها عادةً، رغم أننا نعلم أنه من الممكن بكل تأكيد أن تكون خاطئة”
ختاما ، نرى أن حياتنا تحتاج إلى الشك و اليقين كليهما حتى نتطور و نسموا بكل ما نتعلمه فرغم اختلافهما لا يمكننا أن نتخلا عن أحديهما و لكن في المستوى المعتدل .