جدول المحتويات
بعيدا عن المدينة الفاضلة التي تمناها أفلاطون والبشر، غلبت على انفجارات الحروب عبر الزمن تسميات خاصة للأسف منها ترينيتي ذو الجمال والرعب وأساطير نهاية العالم. صباح أول قنبلة ذرية صنعت عالما جديدا فما هي قصة هذا التفجير؟
ما هو اختبار ترينيتي؟
ترينيتي (بالإنجليزية: Trinity) هو الاسم الرمزي الذي أطلق على أول عملية تفجير لسلاح نووي. أجريت العملية من قبل الجيش الأمريكي كجزء من مشروع مانهاتن على الساعة 5:29 صباح يوم 16 يوليو 1945 في صحراء جورنادا ديل ميرتو على بعد 56 كيلومتر جنوب شرق مدينة سوكورو، نيومكسيكو.
ولم يكن يوجد في تلك المنطقة سوى بيت ريفي وبنايات تابعه له والتي استخدمها العلماء كمختبر لاختبار مكونات القنبلة. الاسم الرمزي «ترينيتي» تم اختياره من قبل روبرت اوبنهايمر، مدير مختبر لوس ألاموس الذي استلهم الاسم من إحدى قصائد جون دون.
ما أصل الاسم الرمزي لاختبار ترينيتي؟
إن أصل التسمية الأصلية الدقيق «ترينيتي» غير معروف، لكنه يُعزى غالبًا إلى أوبنهايمر إشارةً إلى قصيدة جون دون، التي بدورها تشير إلى فكرة الثالوث المسيحية (الإله ذو الطبيعة الثلاثية) ٫ الاب والابن والروح القُدُس
ما الهدف من إجراء اختبار ترينيتي؟
كان المقصد من تجربة عملية التفجير إظهار مدى قوة السلاح النووي حيث ظهرت الأسلحة النووية نتيجة تطورات علمية وسياسية في ثلاثينيات القرن العشرين، إذ شهد هذا العقد العديد من الاكتشافات المتعلقة بطبيعة الذرات، بما في ذلك وجود ظاهرة الانشطار النووي.
أدى الظهور المتزامن للحكومات الفاشية في أوروبا إلى التخوف من مشروع الأسلحة النووية الألماني، وانتشر هذا القلق بشكل خاص بين العلماء اللاجئين من ألمانيا النازية والبلدان الفاشية الأخرى عندما أظهرت حساباتهم أن إنشاء الأسلحة النووية أمر ممكن نظريًا خاصة أن الحكومتان البريطانية والأمريكية دعمت جميع الجهود المبذولة لبناء هذه الأسلحة.
من أين جاءت فكرة اختبار ترينيتي؟
ظهرت فكرة إجراء الاختبار على جهاز الانشطار ذي نمط الانضغاط الداخلي في مناقشات جرت ضمن مختبر لوس ألاموس في يناير عام 1944، ونالت دعمًا كافيًا دفع روبرت أوبنهايمر لمفاتحة غروفز بموضوعها.
أعطى غروفز موافقته، لكنه كان قلقًا. احتاج مشروع منهاتن كمية كبيرة من المال والجهد لإنتاج البلوتونيوم، وأراد أن يعرف إذا كانت هناك طريقة ما لاستعادة العنصر.
عيّن مجلس إدارة المختبر نورمان رامسي لاستقصاء الطريقة الممكنة لفعل ذلك. في فبراير عام 1944، اقترح رامسي إجراء اختبار على نطاق صغير يكون الانفجار فيه محدود الحجم عبر تقليل عدد مولدات التفاعلات المتسلسلة، ويحدث ذلك ضمن وعاء احتواء مختوم يمكن استرجاع البلوتونيوم من داخله.
لا سيما أن الوسائل المستخدمة في توليد تفاعل مضبوط مثل هذا لم تكن مضمونة، والبيانات المجموعة منه ليست بذات الفائدة الناجمة عن انفجار واسع النطاق.
رأى أوبنهايمر أن «أداة التفجير يجب أن تخضع لاختبار ضمن نطاق يكون فيه تحرر الطاقة قابلًا للمقارنة مع ما هو متوقع من استخدامها النهائي». في مارس من عام 1944، حصل أوبنهايمر على موافقة غروفز المؤقتة لإجراء تفجير واسع النطاق داخل وعاء احتواء، رغم أن غروفز كان ما يزال قلقًا من تفسير خسارة مليار دولار من قيمة البلوتونيوم لمجلس الشيوخ في حال فشل التجربة.
ماذا عن لحظة حدوث اختبار ترينيتي الشهير؟
كان “اختبار ترينيتي” لحظة مدهشة، إذ تجمّع العلماء والعسكريون والمراقبون في مخابئ للمراقبة وقاعدة على بعد 10 أميال (16.1 كيلومترا)، وآخرون على بعد 20 ميلا (32.2 كيلومترا).
وبين عشية وضحاها، اجتاح الرعد والبرق والمطر المنطقة بطريقة غير متوقعة قبل ساعة الصفر، مما عرض الاختبار للخطر، واستعد محافظ نيومكسيكو لإعلان الأحكام العرفية في حال مضت الأمور بشكل خاطئ.
وما لبثت أن انتهت رواية قصة مشروع مانهاتن واختبار ترينيتي باستخدام القنبلة المثير للجدل وإلقائها على اليابان، حيث دمر انفجار القنبلة كل ما في محيطها على بعد أميال قليلة وأطلقت إشعاعات دام تأثيرها زمنا كبيرا ثم مضى الاختبار في الحديث عن تسرب الأسرار الذرية حيث تلاه أول اختبار نووي سوفياتي عام 1949.
لكن بعد مرور 71 عاما، أصبح التفكير فيما عَنته لحظة الصباح الباكر ذاك في الصحراء النائية، عندما واجه البشر لأول مرة ظواهر كانت تلاحق خيال زمن الحرب الباردة.
وعلى الرغم من أن هذه كانت تجربة إنسانية جديدة وقاسية و” لم تتناسب مع أي مفاهيم إنسانية مسبقة يملكها أي أحد”، فقد تمت معالجتها من خلال تقاليد ثقافية عريقة، وأصبحت قصة أصيلة فيما يسمى “الأساطير النووية”، وبدا أن الجميع يشاهدون ميلاد عصر جديد هو عصر “الطاقة الذرية”.
ويعود الكتّاب مرارا وتكرارا إلى صباح ترينيتي كلحظة ملهمة للعديد من المعاني، حتى في القرن 21 وردت في روايات عديدة، وتم استلهام اللحظة من قبل شعراء مثل جون دون وعلى خشبة المسرح وحتى في مقطوعات الموسيقى في أنواع تتراوح من الروك إلى الأوبرا.